الحمد لله الذي منّ علينا بكتابه،
وبكماله أحكم القول في كلماته، وبأوجز لفظٍ وأعجز أسلوبٍ فصّل آياته، فهو بحرٌ لا
يُدرَك غورُه، ولا تنفدُ درره، ولا تنقضي عجائبه، حمله خير البشر بحقه وأدّاه، إلى
خير أمّة وأوفاه، فعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذا مصحف الحفاظ
يسعى إلى خدمة القرآن العظيم، فبه تثبيت الحفظ وتمكينه يا أيها الحافظون، وبه
تيسيرُ حفظِه إن كنت من المبتدئين، وفيه بيانٌ لكثيرٍ من أوجه إعجاز فأين
المتذوقون؟ وقد جمع وألمَّ من متشابه لفظ الآي ما فيه شفاءٌ لصدور الباحثين.وهو
يسعى لهذه الأهداف بتقديم مجموعةٍ من الوسائل والطرائق التي لم تجمع في غيره،
وعرضها بأسلوب مبتكرٍ فريدٍ، لينتقي الحافظ منها ما يشاء ، وفق رغباته وقدراته،
وهذه عشرون منها:
ولقد عملتُ في
هذا المصحف المبارك على مدار أكثر من سبع سنوات - من داخل السجن - مستعيناً بالله
عز وجل أولاً ، ثمّ بالعشرات من أمهات الكتب والمجلدات والأبحاث، متحدِّياً كلَّ
الصعوبات، وما أكثرها! منها ما هو موضوعيٌ بسبب صعوبة البحث، فاختيار الآيا ت
المتشابهة وتجميعها، ثمّ تقسيمها عناوين هو من أصعب المهام، فنجد الآية تتشابه في
جزء منها مع آيات أخرى، وجزء آخر منها يتشابه مع مجموعة ثانية، وكل آية في
المجموعة مع آيات أخرى، وهكذا في شبكة معقدة، وكثير من الباحثين - ممن شاهدتُ - لم
يستطع تجاوزَ هذه العقدة، فأضاف كثيراً من الآيات ليست مظنةَ اللبسِ، فزاد الأمر
تعقيداً، أو أغفل كثيراً منها فلم يوفِّ
المادة حقَّها، ومن الصعوبات قلّة الباحثين في اختصاص كل موضع بما ورد فيه، ومنها
توزيع المواضع بشكل يتناسب مع مكان ورودها والفراغات الموجودة في هامش الصفحة،
وجزء من المعوقات مرتبط بالبيئة المحيطة المتمثلة بظلم السجان الصهيوني، منها
صعوبة إدخال المراجع، وكثرة التفتيشات والتنقلات بين السجون، والمشاكل معهم التي
تؤثر على الاستقرار، وتُعرِّض آلاف الأوراق والمسودّات للمصادرة أو الضياع، وكنت
قد عاهدت الله عز وجل أن لا أُدخلَ على أهلي ربحاً من مالٍ زائلٍ من وراء هذا
المشروع، ولعلّ هذا أحد أسباب حفظ الله عز وجل وتوفيقه له، ثمَّ جهود مَنْ وقفوا
معي من أمٍ حنون، وأبٍ كريم، وزوجةٍ صابرة داعمة، وابنتين صالحتين، وأصدقاءِ أسرٍ
أوفياءَ، وأساتذةٍ أجلاءَ، وشعبٍ لا يعرف المستحيل، اللهم اجزهم عنا خير الجزاء ،
واجعل هذا العمل مباركاً متقبلاً خالصاً لوجهك الكريم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
رمضان عيد
مشاهرة
القدس - فلسطين -1443هـ - 2022
م